أبو ذر الغفارى
صفحة 1 من اصل 1
أبو ذر الغفارى
لم ترفدنا المصادر التاريخية بالكثير عن حياة الصحابي الجليل أبو ذر
الغفاري، لا سيما في الفترة التي عاشها بين بني قومه، خاصة قبل إسلامه، ما يجعل
مهمة الكشف عن شخصيته في هذه المرحلة عملية صعبة وشاقة، ولكن من المتسالم عليه
أنّ أبا ذر كان ممن اتّسم بمعاني البطولة والشجاعة في الجاهلية، واستمر كذلك بعد
إسلامه. ففي الجاهلية كان شجاعاً بطبعه، وقد روى ابن سعد في طبقاته، "أنّ
أبا ذر كان رجلاً يصيب الطريق، وكان شجاعاً يتفرد وحده بقطع الطريق، ويغير على
الصرم ـ وهي الفرقة من الناس بأعداد قليلة ـ في عماية الصبح على ظهر فرسه، أو على
قدميه، كأنه السبع، فيطرق الحي ويأخذ ما يأخذ، ثم إن الله قذف في قلبه الإسلام".
وكان هذا هو نمط الحياة السائد في البادية، التي كانت تقوم على النهب والسلب، ولا
يرى فيها الأعرابي ما يخلّ بالشرف أو المكانة الاجتماعية، بل كانت على العكس
مدعاة فخر واعتزاز تمنح لمن يقوم بها رفعةً ومكانةً بين قومه، ودليلاً على شدة
بأسه وقوة شكيمته، ولكن الإسلام نهى عن هذه الممارسات التي تجعل المجتمع مستباحاً،
فاستجاب أبو ذر والمسلمون لهذه الدعوة. الصحابي جندب بن جنادة
] نسبه و نبذه مختصرة
هو جندب بن جنادة من غفار ، قبيلة لها باع طويل في قطع الطريق ، فأهلها
مضرب الأمثال في السطو غير المشروع ، انهم حلفاء الليل ، والويل لمن يقع في أيدي
أحد من غفار,ولكن شاء المولى أن ينير لهذه القبيلة دربها بدأ من أبي ذر -رضي الله
عنه- ، فهو ذو بصيرة ، و ممن يتألهون في الجاهلية ويتمردون على عبادة الأصنام ،
ويذهبون إلى الايمان باله خالق عظيم ، فما أن سمع عن الدين الجديد حتى شد الرحال
إلى مكة.
البحث عن الحقيقة
ودخل أبو ذر -رضي الله عنه- مكة متنكرا ، يتسمع إلى أخبار أهلها والدين
الجديد ، حتى وجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في صباح أحد الأيام جالسا ، فاقترب
منه وقال نعمت صباحا يا أخا العرب ),فأجاب الرسول وعليك السلام يا أخاه ),قال
أبوذر أنشدني مما تقول ), فأجاب الرسول ما هو بشعر فأنشدك ، ولكنه قرآن كريم
), قال أبوذر اقرأ علي ),فقرأ عليه وهو يصغي، ولم يمض غير وقت قليل حتى هتف أبو
ذر أشهد أن لا اله الا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ).
وسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن أنت يا أخا العرب ),فأجابه
أبوذر من غفار ), وتألقت ابتسامة واسعة على فم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ،
واكتسى وجهه بالدهشة والعجب ، وضحك أبو ذر فهو يعرف سر العجب في وجه الرسول الكريم
، فهو من قبيلة غفار,أفيجيء منهم اليوم من يسلم ؟!, وقال الرسول -صلى الله عليه
وسلم- ان الله يهدي من يشاء ), فأسلم أبو ذر من فوره ، وكان ترتيبه في المسلمين
الخامس أو السادس ، فقد أسلم في الساعات الأولى للاسلام.
داعية متفان في سبيل الإسلام
عرض النبي(صلى الله عليه و سلم) الإسلام عليه فأسلم، وشهد بأنه لا إله
إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، وطلب الرسول منه أن يرجع إلى قومه ويدعوهم إلى
الإسلام، ويكتم أمره عن قريش، ولكنه ما إن وصل إلى المسجد، حتى صاح بأعلى صوته
بالشهادتين، فثار إليه القوم وضربوه، فأنقذه العباس، مبيناً لهم مخاطر ما أقدموا
عليه على تجارتهم التي تمر بالقرب من غفار. تركت هذه الحادثة أثراً سلبياً على
نفسية أبي ذر، وعاهد نفسه أن يثأر من قريش، فخرج وأقام بـ"عسفان"، وكلما
أقبلت عير لقريش يحملون الطعام، يعترضهم ويجبرهم على إلقاء أحمالهم، فيقول أبو ذر
لهم: لا يمس أحد حبة حتى تقولوا لا إله إلا الله، فيقولون لا إله إلاّ الله،
ويأخذون ما لهم. وحين رجع أبو ذر إلى قومه، نفّذ وصيّة رسول الله(صلى الله عليه و
سلم)، فدعاهم إلى الله عز وجل، ونبذ عبادة الأصنام والإيمان برسالة محمد(صلى الله
عليه و سلم)، فكان أول من أسلم منهم أخوه أنيس، ثم أسلمت أمهما، ثم أسلم بعد ذلك
نصف قبيلة غفار، وقال نصفهم الباقي، إذا قدم رسول الله إلى المدينة، أسلمنا، وهذا
ما تم، وجاؤوا فقالوا يا رسول الله: إخوتنا، نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا.
وفي ذلك قال رسول الله(صلى الله عليه و سلم): "غفّار غفر الله لها، وأسلم
سالمها الله". ومما يلفت له، أن أبا ذر كان من المبادرين الأول لاعتناق
الإسلام، حتى قيل إنه رابع من أسلم، وقيل خامسهم. وبقي أبو ذر بين قومه فترة
طويلة، لم يحضر في خلالها غزوة بدر ولا أحد ولا الخندق، كما تقول الروايات، وبقي بينهم
في الخندق الآخر، حيث كان يفقههم في دينهم، ويعلمهم أحكام الإسلام.
تذكر بعض المصادر الشيعية أنه في عهد الامويين، تشيع اهل جبل عامل على
يد أبي ذر الغفاري الذي نفاه معاوية إلى جبل عامل[1]. و لا يزال هناك مسجدان
يعرفان باسمه الاول في بلدة ميس الجبل و الثاني في بلدة الصرفند. و منذ ذلك الحين
سمي أهل جبل عامل بالمتاولة أحد أهم أسماء الشيعة الإمامية وهي جمع متوالي، وهي
مشتقة على القياس من توالى، أي تتابع، أو مشتقة على غير القياس من كلمة تولى اي
اتخذ وليّا.ومن هنا فان الملفت ان اهل جبل عامل كانوا سباقين في التشيع كما تروي
المصادر التاريخية فلم يكن مذهب التشيع موجودا الا في مدينة الرسول الاكرم وفي اهل
بيته، وفي جبل عامل.
] تمرده على الباطل
وكان أبو ذر -رضي الله عنه- يحمل طبيعة متمردة ، فتوجه للرسول -صلى
الله عليه وسلم- فور اسلامه بسؤال يا رسول الله ، بم تأمرني ؟),فأجابه الرسول
ترجع إلى قومك حتى يبلغك أمري ),فقال أبو ذر والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ
بالاسلام في المسجد ),هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته أشهد ألا إله
إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ), كانت هذه الصيحة أول صيحة تهز قريشا ، من
رجل غريب ليس له في مكة نسبا ولا حمى ، فأحاط به الكافرون وضربوه حتى صرعوه ،
وأنقذه العباس عم النبي بالحيلة فقد حذر الكافرين من قبيلته اذا علمت ، فقد تقطع
عليهم طريق تجارتهم ، لذا تركه المشركين ، ولا يكاد يمضي يوما آخر حتى يرى أبو ذر -رضي
الله عنه- امرأتين تطوفان بالصنمين ( أساف ونائلة ) وتدعوانهما ، فيقف مسفها مهينا
للصنمين ، فتصرخ المرأتان ، ويهرول الرجال اليهما ، فيضربونه حتى يفقد وعيه ، ثم
يفيق ليصيح -رضي الله عنه- مرة أخرى أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول
الله ).
حياته رضي الله عنه
اسلام غفار ويعود -رضي الله عنه- إلى قبيلته ، فيحدثهم عن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- وعن الدين الجديد ، وما يدعو له من مكارم الأخلاق ، فدخل قومه
الاسلام ، ثم يتوجه إلى قبيلة ( أسلم ) فيرشدها إلى الحق وتسلم ، ومضت الأيام
وهاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ، واذا بموكب كبير يقبل على
المدينة مكبرا ، فاذا هو أبو ذر -رضي الله عنه- أقبل ومعه قبيلتي غفار و أسلم ،
فازداد الرسول -صلى الله عليه وسلم- عجبا ودهشة ، و نظر اليهم وقال غفار غفر
الله لها وأسلم سالمها الله ) وأبو ذر كان له تحية مباركة من الرسول الكريم حيث
قال ماأقلت الغبراء ، ولا أظلت الخضراء ،أصدق لهجة من أبي ذر ), وقيل توفي في
المدينة المنورة .
ابو حماده- المدير العام
- عدد المساهمات : 564
نقاط : 1311
تاريخ التسجيل : 14/03/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى